طباعة اضافة للمفضلة
أسرة المدمن لا ترحمه!
1419 زائر
10-02-2015
عبد الرحمن القرعاوي

أسرة المدمن لا ترحمه!

عبدالرحمن القرعاوي

قبل خمس سنوات كنت أحد ضيوف حلقة تلفزيونية عن المخدرات، وبعد فترة اتصلت بي امرأة ذكرت أنها شاهدت الحلقة وهذا ما دفعها للتواصل معي؛ للبحث عن حل بشأن ابنها الذي يتعاطى أحد أنواع المخدرات، فنصحتها بإطلاع والده على الأمر، والتنسيق مع مكافحة المخدرات لعلاجه، فرفضت خوفا على ولدها، وطمعا في أن تستطيع علاجه دون فضيحة، ودون علم والده الذي قد تكون ردة فعله قاسية، حاولت إقناعها، أبدت لي قناعتها، وانقطعت عني فترة، ثم اتصلت بي وذكرتني بموضوعها، وقالت: أنت اقترحت علي كذا وكذا فلم أفعل، والآن ابني ما زال يتعاطى، بل رأيت معه نوعا آخر من المخدرات!، والآن آنا جادة وأريد علاجه، وبفضل من الله تمت مساعدتها، وترك ابنها التعاطي، نسأل الله له الثبات.

هو جزء من قصة تتكرر في بعض البيوت التي تعيش صراعا بين العاطفة والعقل، في مواجهة هذه المشكلة.

إن وجود متعاطي المخدرات في بيتٍ ما يعني وجود حالة لم يسبق للأسرة التعامل معها، فمن الخطأ الاعتقاد أن بإمكان الأسرة معالجة الأمر دون الاستعانة بالله، واستشارة أهل الاختصاص والخبرة، وطلب مساعدتهم، لأنهم أمام حالة مرضية، والمريض هنا قد يقاوم أي محاولة للعلاج.

وكم أشفق على ذلك الأب الذي يرفض إدخال ابنه المتعاطي إلى مستشفى الأمل أو مركز التأهيل النفسي؛ بحجة خوف الفضيحة، ولم يدر أن كثيرا ممن حوله يعرفون أن ابنه مدمن من خلال ما يرون من أعراض بادية عليه، إن لم يكونوا صادفوه يوما وهو تحت تأثير المسكر، لكن الخجل يمنعهم من مصارحته.

ومن المضحك المبكي أن تظهر أعراض الإدمان على الشخص وتعتقد الأسرة أنها أعراض عين أو سحر، وهذا يساعد المدمن على الاستمرار، ويجعله مطمئنا إلى عدم اكتشافه، ولذا ينبغي أن يكون لدينا اطلاع على أعراض ومظاهر الإدمان عبر زيارة لأحد مواقع مستشفيات الأمل.

وينبغي أن نرحم المدمن، ومن رحمته الحزم والمبادرة في علاجه، قبل أي يصل إلى مراحل متقدمة من الإدمان، تنهك جسده، وتتلف خلايا مخه، ولا نستسلم لوعود المدمن وتسويفاته، لأن تأخرنا في العلاج يزيد من صعوبته، ويضاعف الآثار السلبية على صحة المتعاطي.

أغلب المدمنين لديهم رغبة في الإقلاع، لكن تنقصهم الإرادة، والمعين، فإن استطاعت أسرة المدمن إقناعه بالعلاج فحسن، وإن لم تستطع فيمكن الاستعانة بإدارة مكافحة المخدرات عبر رقم البلاغات 995 وطلب القبض عليه وعلاجه، وقد كفلت لهم المادة 42 من نظام مكافحة المخدرات أن يتم علاجه دون توجيه اتهام، أو إيقاع عقوبة، ويتم تنويمه في المستشفى فترة العلاج، ويكون ذلك بسرية تامة، فإن كان طالبا أو موظفا أعطي تقريرا طبيا يتضمن تنويمه، ولا يتضمن أنه يعالج من الإدمان.

والعلاج وحده غير كاف مالم يوجد للمتعافي بيئة صالحة تحيط به بعد العلاج، كي لا يعود لبيئته الأولى، من غير أن يشعر بمبالغتنا في الحرص والاحتواء.

ولنساعده في استعادة ثقته بقدرته على الاندماج في المجتمع، والتفاعل الإيجابي، من خلال توظيفه أو تكليفه بمهام وأعمال تملأ عليه وقته، والتعامل معه على أنه سوي، مع متابعته بدقة؛ للحفاظ عليه من العودة للتعاطي.

وجزء من العلاج الذي تقدمه مستشفيات الأمل والتأهيل النفسي هو توعية ذوي المتعافي بكيفية التعامل معه في فترة التأهيل وما بعدها.

ومع فعل الأسباب ينبغي ألا نغفل عن الدعاء وسؤال الله للمدمن العافية، والنجاة من هذا البلاء.

   طباعة 
1 صوت
مدمن , إدمان
« إضافة تعليق »
إضافة تعليق
اسمك
ايميلك

/500
تعليقك
  أدخل الكود
روابط ذات صلة
المادة السابق
المواد المتشابهة المادة التالي
جديد المواد
رسالة إلى إمام التراويح - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي
رسالة إلى صائم - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي
رسالة إلى خطيب - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي
رسالة إلى إمام - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي
رسالة إلى زوج - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي