طباعة اضافة للمفضلة
الحجر الصحي
808 زائر
29-04-2020
أ.د. احمد القاضي

الحجر الصحي

أحدث الحجر الصحي المنزلي، لاتقاء انتشار فيروس كورونا، متغيرات كثيرة، وكبيرة، في حياة الناس، وسلوكهم، وطريقة تفكيرهم؛ ما كانت لتحصل، لولا أنهم سيقوا له مضطرين، والتزموه كارهين؛ فجعل الله، في ذلك لبعضهم، خيرًا كثيرًا.

فتبين، بشكل جلي، أن السعة والرحابة، أو الضيق والضنك، لا تتعلق بالمكان، أو الزمان، وحسب! بل هي أمر وجدي؛ ففتية الكهف قالوا: (فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا)، [الكهف:16]؛ فرغم ضيقه، رجوا النشر والإرفاق.

واكتشف الموفقون بأن لديهم طاقات مذخورة، لم يتح لها أن تظهر وتتمدد، لولا جدران المنازل، والخلوة المفيدة؛ فقرؤوا، وبحثوا، وحفظوا، واكتسبوا معارف وخبرات، وحققوا عبادات؛ لو لم تنزل بهم هذه النازلة، لفات كثير منها.

كما أدرك المصلون عمق أثر صلاة الجماعة في المسجد، وأن الأمر يتعدى الخلاف الفقهي المجرد في وجوبها، بل يتعلق بالآصرة المجتمعية، والسكينة النازلة في بيوت أذن الله أن ترفع، ويذكر فيها اسمه.

وأوى أفراد الأسرة الواحدة إلى أكناف البيوت، وكفوا عن اللهاث، والصفق في الأسواق والبراري والاستراحات، ووجدوا عبق الأبوة والأمومة والبنوة، التي طغى عليها طوفان المدنية المادية.

وأولو الأرحام لمسوا أهمية الصلة، وافتقدوا دفء العلاقة التي كانوا ينعمون بها، ولا يشعرون حين حيل بينهم وبين من يحبون مدة قصيرة، وأدركوا محاسن الشريعة، ومتانة البناء الاجتماعي في الإسلام، وشؤم العقوق والقطيعة.

وعبارات مطمئنة: فإن مع العسر يسرًا إن مع العسر يسرًا.ولن يغلب عسر يسرين.ولا يقضي الله على عبده المؤمن قضاءً إلا كان خيرًا له.إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له.وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن. سيجعل الله بعد عسر يسرًا.

وقيل: ابقوا في بيوتكم رجاء العافية! فكيف لو قيل اخرجوا من بيوتكم حذر الموت؟ وسائل التواصل بأطراف الأصابع! كيف لو لم تكن متاحة، ولا يعلم أحد عن أحد؟ لطف ظاهر وخفي.

فينبغي أن يكون لمسجد البيت حرمته ونظامه؛ فيحافظ أفراد الأسرة على التبكير، وصلاة الرواتب القبلية والبعدية، وأذكار أدبار الصلوات المكتوبة، وقراءة القرآن، وقيام الليل؛ الرزية كل الرزية، أن يفرط العاقل بما تعود عليه؛ فيجمع على نفسه مصيبتين.

وينبغي للمرء أن يتعاهد أقاربه، وجيرانه، وأصدقاءه، بالاتصال، والسؤال عن الحال، ونشر الطمأنينة والبشرى والفأل الحسن، والبعد عن الإرجاف، ويتفقد الفقراء، وذوي الحاجات.

كتبه

أ.د.أحمد بن عبدالرحمن القاضي

19 شعبان 1441 هـ


   طباعة 
0 صوت
جائحة , الحجر , الصحي , فيروس , كوفيد , كورونا
« إضافة تعليق »
إضافة تعليق
اسمك
ايميلك

/500
تعليقك
  أدخل الكود
روابط ذات صلة
المادة السابق
المواد المتشابهة المادة التالي
جديد المواد
رسالة إلى إمام التراويح - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي
رسالة إلى صائم - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي
رسالة إلى خطيب - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي
رسالة إلى إمام - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي
رسالة إلى زوج - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي