طباعة اضافة للمفضلة
صِدقُ المَحَبَّةِ لِلرَّسولِ
1180 زائر
20-12-2015
خطبة لفضيلة الشيخ خالد القرعاوي


صِدقُ المَحَبَّةِ لِلرَّسولِ

خطبة لفضيلة الشيخ خالد القرعاوي

الحمدُ للهِ بعثَ لَنا نَبِيَّاً كَريمَاً,بَشِيراً وَنَذِيرَاً,وَدَاعِيَاً إلى اللهِ بِإذنِهِ وَسِراجَاً مُنِيراً,نَشهدُ أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له: (وَكَانَ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا).وَنَشهَدُ أنَّ محمداً عبدُ اللهِ ورسُولُه أنصحُ الخلقِ،وأتَقاهم للهِ،صلَّى اللهُ وَبَارَكَ عَليهِ وعلَى آلِهِ وأصحابِهِ وأتبَاعِهِ بإحسانٍ وسلَّمَ تسليماً مَزِيداً أمَّا بعدُ:فَاتَّقُوا اللهَ عبادَ اللهِ,فَهِيَ خيرُ الوَصَايا وَأنفَعُها وأجمَعُها.أيُّها المُؤمنونَ:إنَّهُ لا عِيشَةً رَضِيَّةً, إلَّا بِتَحقِيقِ المَحَبَّةِ للهِ ولِرَسُولِهِ.وَمَحَبَّتُنا لِرَسُولِ اللهِ هِبَةٌ مِنَ اللهِ تَعَالى,لأنَّها طَرِيقُ مَحَبَّةِ رَبِّ العَالَمِينَ: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ والله غَفُورٌ رَحِيمٌ). وفي صحيح البخاري أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ منها: أَنْ يَكُونَ الله وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا».أيُّها المُحبِّونَ للهِ ولِرَسُولِهِ كَثِيرٌ مِنْ الرِّوَايَاتِ تَقُولُ:أنَّهُ (وُلِدَ في مِثلِ هَذا الشَّهرِ,فَكَانَ مَولِدُهُ نُورَاً,وَمَبْعَثُهُ فَتحَاً وَسُرُوراً,هَدَى اللهُ به من الضَّلالاتِ, وَعَلَّمَ بِهِ من الجَهالاتِ,وَصَدَقَ اللهُ: (لَقَدْ مَنَّ الله عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).[آل عمران:164].فالكونُ أَشرَقَ والفَضَاءُ تَعَطَّرَا والأُفقُ ظَلَّلَهُ السُّرورُ فَهل تَرَى ؟ إنَّهُ المَحمُودُ عندَ اللهِ ومَلائِكَتِهِ والأَنْبِيَاءِ أَجْمَعِينَ,وَصَفَ نَفسَهُ فَقَالَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلاَ فَخْرٌ،وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضَ وَلاَ فَخْرٌ،بِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ،وَآدَمُ وَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي وَلاَ فَخْرٌ».رواهُ ابنُ حبَّانَ وغيرُهُ.نَبِيٌّ تَقِيٌّ,طَاهِرٌ نَقِيٌّ,زَكَّى البَارِي لِسَانَه فلا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى,مَا زَاغَ بَصَرَه وَمَا طَغَى!جَاءَتهُ شَهَادَةٌ كُبْرَى مِنَ العَلِيِّ الأعلى: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ). بَعثَهُ اللهُ لَنَا رَحمَةً وَأَمَانَاً فَقَالَ: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).وَقَالَ:«إنَّما أَنَا رَحْمَةٌ مُهدَاةٌ». نَعم يا مُؤمِنُونَ:إنَّهُ رَحمَةٌ لا كَمَا يُصَوِّرُهُ بَعضُ سُفَهاءِ الأَحلامِ أنَّهُ جَاءَ بِالذَّبحِ والسَّيفِ فَقَطْ! فَهُوَ عليه الصَّلاةُ والسَّلام بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ,وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ,وسَيفٌ على الأعدَاءِ المُحارِبينَ. أيُّها المُؤمِنُونَ:كُلُّ نِعمَةٍ بِنا فَإنَّمَا هِيَ بِفَضلِ اللهِ عَلَينَا ثُمَّ بِفَضلِ بِعثَةِ رَسُولِنَا صلى الله عليه وسلم لَنَا.

أَيُّها المُحِبُّونَ:مَحَبَّةُ رَسُولِنا عَاقِبَتُها خَيرٌ عَظِيمٌ,وَنَعِيمٌ مُقِيمٌ,فَعَنْ أَنَس بنِ مالِكٍ رَضِيَ الله عَنْهُ،أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ عليه السلام عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ:مَتَى السَّاعَةُ؟قَالَ:«وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا».قَالَ:لاَ شَيْءَ،إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ فَقَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ».قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ،فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ عليه السلام:«أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ» قَالَ أَنَسٌ:«فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ وَأَبَا بَكْرٍ،وَعُمَرَ،وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ،و إِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ»!ومِمَّا قَالَهُ الشَّيخُ السَّعديُّ رحمهُ اللهُ: (محبَّةُ اللَّهِ ورسولِهِ،يَتعَيَّنُ تَقدِيمُهما على مَحبَّةِ كُلِّ شَيءٍ،من الآباءِ والأمَّهَاتِ وَأَبْنَاءِ وَإِخْوَانِ النَّسَبِ والعِشيرَةِ وَأَزْوَاجِكُمْ وَقَرَابَاتِكم عُمُوماً وَأَمْوَالٍ ومَسَاكِنَ حَسَنَةٍ,فإنْ كانت هذه الأشياءُ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ الله وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ؟فأنتم فَسَقَةٌ ظَلَمَةٌ). انتهى. عبادَ اللهِ:وَلِسَائِلٍ أنْ يَقُولَ:ما حَقِيقَةُ هَذِهِ المَحَبَّةِ؟فجَوَابُنَا بِاَنْ تَكُونَ مَحَبَّةً قَلبِيَّةً,ومِن جِهَةٍ أُخرَى,طَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ,واجتِنَابُ ما نَهَى عنْهُ وَزَجَرَ,وَأَلاَّ يُعبدَ اللهَ إلاَّ بِمَا شَرَعَ.وإذا كانَتِ المَحَبَّةُ قَلبِيَّةً!فَلابُدَّ مِن ظُهورِ ذالِكَ على الجَوَارِحِ قَولاً وَعَمَلاً ظَاهِرَاً وَبَاطِنَاً,كَمَا كانَ صَحَابَتُهُ الكِرَامُ رَضيَ اللهِ عنهم يُبَايِعُونَهُ على إتِّبَاعِهِ في مَنْشَطِهِم وَمَكْرَهِهِم,بَاذِلِينَ أَموَالَهم وأَنفُسَهم فِي سَبِيلِ مَحَبَّةِ اللهِ وَرَسُولِهِ.فَمَنْ قَدَّمَ هَديَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم على رَغَبَاتِ نَفْسِهِ فَهُوَ مُحِبٌّ لِرَسُولِ اللهِ, مَنْ تَحَاكَمَ إلى سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ فَهُوَ مُحِبٌّ لَهُ,مَنْ حَقَّقَ الطَّاعةَ وَلَزِمَ الجَمَاعَةَ وَسَلَكَ سَبِيلَ المُؤمِنينَ فَهُوَ مُحِبٌّ لِلهِ وَلِرَسُولِهِ ولِلمُؤمنينَ,مَنْ تَأَسَّ بِأخلاقِهِ وَآدَابِهِ وَمُعَامَلاتِهِ وعِبَادَاتِهِ فَهُوَ مُحِبٌّ لِرَسُولِ اللهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ). .

إنِّي أَرَى حُبَّ النَّبِيِّ عِبَادَةً يَنْجُوا بِهَا يَومَ الْحِسَابِ المُسلِمُ . لَكِنْ إذَا سَلَكَ المُحِبُّ سَبِيلَهُ مُتَأَسِّيَاً وَلِهَديِهِ يَتَرَسَّمُ . يا مُسلِمُونَ لِسُنَّةِ الهَادِي ارْجِعُوا واستَرشِدُوا بِدُرُوسِها وَتَعَلَّمُوا فاللهم ارزقنا حبَّ نبِيِّنا صلى الله عليه وسلم واتِّبَاعَهُ ظَاهِراً وَبَاطِنَاً.

أقول ما سمعتمِ،وأَستَغفِرُ اللهَ لي ولَكم وللمسلِمينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ،فاستَغفِروهُ وتُوبُوا إليهِ إنَّه هوَ الغَفورُ الرَّحيمُ.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ مَنَّ علينا بِالمَكرُمَاتِ,نَشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ رَبُّ الأَرضِ والسَّمَواتِ وَنَشهدُ أنَّ مُحمَّدَاً عبدُ اللهِ ورَسُولُه الرَّحمَةُ المُهداةُ,صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وأِصحَابِهِ وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهجِهِم بِإحسَانٍ وإيمانٍ إلى يَومِ المَمَاتِ.أَمَّا بَعدُ:فَاتَّقوا اللهَ يا مؤمنونَ لعَلَّكُم تَهتَدُونَ. مَعاشِرَ المُؤمنينَ:لقد سَطَّرَ الصَّحابَةُ حُبَّ النَّبِي فَفَدَوهُ بِأَموالِهِم وأَولادِهِمِ وأَنفُسِهِم فِدَاءً لا لَبسَ فيهِ ولا خَفاءَ,فعَنْ عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها، قَالَتْ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله،وَالله إِنَّكَ لَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي،وَإِنَّكَ لَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَهْلِي،وَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ وَلَدِي،وَإِنِّي لَأَكُونُ فِي الْبَيْتِ،فَأَذْكُرُكَ فَمَا أَصْبِرُ حَتَّى آتِيَكَ،فَأَنْظُرُ إِلَيْكَ،وَإِذَا ذَكَرْتُ مَوْتِي ومَوْتَكَ عَرَفْتُ أَنَّكَ إِذَا دَخَلْتَ الْجَنَّةَ رُفِعْتَ مَعَ النَّبِيِّينَ،وَإِنِّي إِذَا دَخَلْتُ الْجَنَّةَ خَشِيتُ أَنْ لَا أَرَاكَ.فَلَمْ يُرِدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى نَزَّلَ جِبْرِيلُ بِهَذِهِ الْآيَةِ: (وَمَنْ يُطِعِ الله وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ الله وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا).حَقَّاً لَقد كَانَ حُبَّاً صَادِقَاً بَعَثَ فِي قُلوبِهِم إِيمَانَاً وَنُورَاً, أَوصَلَهم إلى أَعلَى دَرَجَاتِ الإيمَانِ بِمَا عَمِلُوهُ مِن الإحسَانِ,ومعَ الأسَفِ الشَّدِيدِ بَعضُ مَنْ يَنتَسِبُ للإسلاَمِ غَالَوا في حُبِّهم حتى خَرَجُوا بِهِ عن حُدودِ الشَّرِيعَةِ وَوَقَعُوا في بَرَاثِنِ الشَّركِ والإخلالِ بالعقيدَةِ.لِذا حَرِصَ رَسُولُنا عليه الصلاة والسلام على حِمَايَةِ جَنَابِ التَّوحيدِ وَخَافَ على أُمَّتِهِ من الضَّلالِ والغُلُوِّ فَقَالَ:«لاَ تُطْرُونِي،كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ،فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ،فَقُولُوا عَبْدُ الله،وَرَسُولُهُ »رواهُ البخاريُّ.وقد جاءَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقالَ لَهُ: مَا شَاءَ اللهُ،وَشِئْتَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عليه السلام:«أَجَعَلْتَنِي وَالله عَدْلًا بَلْ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ»رواهُ أحمدُ.حقَّاً إنَّهُ مِنَ الظُّلمِ العَظِيمِ أنْ تَقُودَ مَحَبَّةٌ إلى مُصَادَمَةِ ومُخَالَفَةِ الكتابِ والسُّنَّةِ! أتعلمونَ يا مؤمنونَ:أنَّ بعضَ من ينتَسِبُ للإسلامِ يدَّعِي أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَعلَمُ الغَيبَ!وَيَكشِفُ الضُّرَ!وَيَجلِبُ النَّفْعَ!وَذَلِكَ واللهِ شِرْكٌ عَظيمٌ وَتَكْذِيبٌ لِرَبِّ العالَمِينَ القائِلِ في كِتَابِهِ المُبينِ عنِ رَسُولِهِ الأمينِ: (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ الله وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).

والقائِلِ: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا الله وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ). فإنَّهُ مِن أَعظَمِ الفِرَى وأَشَّدِ المُنكَرَاتِ,مَا بُلِيت بِهِ كَثِيرٌ مِن بِلادِنا الإسلامِيَّةِ,مِن إقَامَةِ لَيالِي المَوالِدِ,وإنشادِ القَصَائِدِ,والخُطَبِ والمَدَائِحِ,التي وَصِلَت إلى الغُلُوِّ والشَّركِ باللهِ ربِّ العالَمينَ, كلُّ ذلِكَ صار يُبَثُّ عبْرَ القنَواتِ والشَّبَكاتِ ممَّا يَجعلُ البِدعَةَ تَنتَشرُ في بِلادِ المُسلِمينَ!عياذَاً باللهِ تعالى,ولا تَنسَوا عبَادَ اللهِ:أَنَّ تَحقِيقَ المَحَبَّةِ الصَّادِقَةِ تكُونُ بِاتِّبَاع سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم والأخذِ بِوصِيَّتِهِ حينَ قَالَ:« فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ،تَمَسَّكُوا بِهَا،وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ،وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ،فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ».قال ابنُ تَيمِيَّةَ رحمه الله ما مفَادُهُ:"ما يُحدِثُهُ بَعضُ النَّاسِ,من اتِّخَاذِ مَولِدِ النَّبِيِّ عليه السلام عِيدَاً,فَهَذا لَمْ يَفعَلُهُ السَّلَفُ مَعَ قِيامِ الْمُقتَضَى لَهُ وَعَدَمِ الْمَانِعِ،ولو كانَ خَيراً كَان السَّلَفُ أَحَقَّ بِهِ مِنَّا،فَإِنَّهم كَانُوا أَشَدَّ مَحَبَّةً لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَعظِيمَاً لَهُ مِنَّا،وهُم على الْخَيرِ أَحرَصْ!وَأكْثَرُ هَؤُلاءِ تَجِدُهُم حَرِيصينَ على البِدَعِ فَاتِرِينَ في أَمِرِ الرَّسُولِ عليه الصلاة والسلام مِمَّا أُمِرُوا بِالنَّشَاطِ فِيهِ،وَهُم بِمنزِلَةِ مَنْ يُحَلِّي الْمُصحَفَ وَلا يَقرَأُ فِيهِ أو يَقرَأُ فِيهِ وَلا يَتَّبِعَهُ"ا.هـ ألا فَلنَعلم:أنَّ حقيقَةَ المَحبَّةِ تكُونُ في حُسنِ الإتِّباعِ قالَ تَعالَى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا .قالَ الإمَامُ أحمَدُ رَحِمهُ اللهُ تعالى:نظرتُ في المِصحَفِ فَوجدتُّ طاعةَ الرَّسُولِ في ثَلاثَةٍ وثَلاثِينَ مَوضِعَاً ثُمَّ جَعَلَ يَتلُوا: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ .وَجَعَل يُكَرِّرُها ويقُولُ:الفِتنَةُ الكُفرُ.فاللهُمَّ يا رَبَّنا ارزُقنَا مَحَبَّةَ نَبِيِّكَ واتِّبَاعَهُ ظَاهِرَاً وَبَاطِنَاً,اللهم احشُرنَا في زُمرتِهِ وارزقنَا شَفَاعتَهُ وأوردْنَا حَوضَهُ واسقِنَا مِنْ يَدِهِ شَرْبَةً لا نَظمَأُ بَعْدَها أَبَدَاً,اللهم وارضَ عن صَحَابَتِهِ الكِرَامِ,والتَّابِعينَ لهم بِإحسَانٍ وإيمَانٍ,وعنَّا معهم يا رحيمُ يا رَحمَانُ,اللهم إنَّا نشهدُ أنَّ مُحَمَّدَاً بلَّغَ الرِّسالةَ وأدَّى الأمَانَةَ ونصحَ الأمةَ وجاهدَ في الله حقَ جهادِه حتى أتاه اليقينُ,رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ,رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ,رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ وَالله يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

   طباعة 
0 صوت
لِلرَّسولِ , صِدقُ , المَحَبَّةِ
« إضافة تعليق »
إضافة تعليق
اسمك
ايميلك

/500
تعليقك
  أدخل الكود
جديد المواد
رسالة إلى إمام التراويح - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي
رسالة إلى صائم - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي
رسالة إلى خطيب - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي
رسالة إلى إمام - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي
رسالة إلى زوج - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي