طباعة اضافة للمفضلة
أولادكما بعد الطلاق
1757 زائر
19-05-2014
عبدالرحمن القرعاوي

أولادكما بعد الطلاق

عبدالرحمن القرعاوي

تحدثك الزوجة أو يحدثك الزوج أنه لولا الأولاد لما بقيا لحظة واحدة، ولَكان الطلاق خيارهم الوحيد، لست أعترض على قرارهم هذا، لكنه لن يكون في صالح الأولاد إذا كانت نفوس الزوجين دائماً مشحونة، ومعاركهما تتكرر أمام الأولاد كل وقت، وعبارة (ما صبرني عليكَِ إلا الأولاد) تتردد بينهما في كل مناسبة. صحيح أن صدمة الطلاق أشد على الأولاد من صدمة وفاة أحد الوالدين، لأن الوفاة أمر خارج عن الإرادة، أما الطلاق فهو اختيار من الوالدين أو أحدهما، والأولاد لا يتخيلون اختيار والديهم للطلاق، لكن معاناة البقاء بين والدين متنافرين متنازعين كثيري الخصام أشد ألماً، وأسوأ أثراً، وأطول معاناةً. الأطفال لا يريدون الطلاق لكنهم يتقبلونه إذا وجد التفاهم بشأنهم ومعهم. إن المسؤول الأول عن مشكلات الأولاد بعد الطلاق هو عدم تفاهم الوالدين، وتصرفاتهما السيئة، وإهمالهما، وسوء تربيتهما، وليس الطلاق.

أشعرا أولادكما بالأمان بعد الطلاق ولتكن رسالتكما لهم أن الله قدر أن ألا نستمر كزوجين، لكننا سنبقى والدين نضحي من أجلكم.

ولا يعني فشل علاقتكما كزوجين أن يفشل تفاهمكما كأبوين لهؤلاء الأولاد.

اتفقا على مصير الأولاد بعد الطلاق. يستقرون عند أي منكما. ومتى يزورون الآخر. واعلما أن الحضانة حق للأولاد، وليست حقا لكما، فالمراعى فيها مصلحتهم لا مصلحتكما. أنتما الأهم والأغلى في حياة أولادكما، فليحفظ كل منكما مكانة الآخر في نفوسهم. قد يتقبل الأولاد في صغرهم ذم أحدكما للآخر وظلمه له، ويسايرونه على ذلك، لكنهم إذا كبروا، سينظرون إلى ذلك بشكل مختلف، ولن يكون مقبولاً لديهم، وسَيَسْتصغِرون فاعله، ويُكبِرون ويحترمون الوالد الذي يربي في نفوسهم احترام والدتهم، والوالدة التي تغرس في نفوسهم احترام والدهم. لا تجعلوا أولادكما ساعي بريد السوء بينكما، واحذرا أن يكونوا ضحية تصفية حسابات بينكما. وإذا اقتضى الأمر انتقالهم من حضانة أحدكما للآخر فليكن ذلك بالتدرج، مراعاة لهم.

لا تحرمي أيتها الأم أولادك من زيارة والدهم والتواصل معه ومع أهله بل ادفعيهم للبر به، وأنتَ أيها الأب لا تحرم طليقتك من أبنائها، وتذكر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - عن طير أُخذ صغارها: «من فجع هذه بولدها؟!»، ومكنهم من زيارة أخوالهم مهما كانت علاقتك بهم. كن أيها الأب واضحا مع زوجتك الجديدة، بشأن أولادك من طليقتك، وكوني واضحة مع زوجك الجديد بشأن أولادك من طليقك، فلا تجعلوهم ضحية خلاف بينكما. قلت مرّةً لزوجين افترقا بالطلاق واستمرت المشكلات بينهما: «اشتركتما في مشروعين: الزواج والأولاد فإذا احترق الأول لا تجعلوا الثاني حطبا له».

   طباعة 
0 صوت
« إضافة تعليق »
إضافة تعليق
اسمك
ايميلك

/500
تعليقك
  أدخل الكود
روابط ذات صلة
المادة السابق
المواد المتشابهة المادة التالي
جديد المواد
رسالة إلى إمام التراويح - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي
رسالة إلى صائم - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي
رسالة إلى خطيب - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي
رسالة إلى إمام - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي
رسالة إلى زوج - بقلم المشرف العام أ.د. أحمد بن عبدالرحمن القاضي