بسم
الله الرحمن الرحيم
الابن
الكريم: أحمد وفقه الله
اطلعت على رسالتك الحزينة، وتألمت
لما تضمنته من معاناة. وأبشرك يا بني أن النصر مع الصبر وأن مع العسر يسراً،
وأن الله تعالى لا يقضي على المؤمن قضاء إلا كان خيراً له، وأنه لا يزال
البلاء بالمؤمن حتى يمشي على وجه الإرض وليس عليه خطيئة، وأنه ما من عبد
يدعو الله في الأرض بدعوة إلا أعطاه بها إحدى ثلاث خصال: إما أن يعجل الله
له دعوته، أو يصرف عنه من الشر مثلها، أو يدخرها له أحوج ما يكون إليها.
فاطمئن يابني، وأحسن الظن بمولاك الذي خلقك ورزقك وأنت جنين في بطن أمك،
وثق أنه تكفل برزقك حتى تموت، فإن روح القدس نفث في روع النبي صلى الله
عليه وسلم أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا
في الطلب.
واعلم أن دعواتك لم تذهب سدى، وأن الله يؤخر
الإجابة لحكمة، ولمصلحة العبد أحياناً،
فإن من عباد الله من لا يصلحه إلا الفقر، فلو أغناه لطغى. ولعل الله
عوضك بصحة في بدنك، أو دفع بلاء لم تعلمه، وأراد أن يستنبط من قلبك عبوديته
من دعاء وخوف ورجاء، فاصبر يا بني، وقل خيراً، وظن بالله خيراً، فإنه
عند ظن عبده به. وإياك أن تسأم من الدعاء، فإنه لب التوحيد، ولو لم يكن
لك من هذه المعاناة إلا تحصيل فضل الدعاء لكفى، فإنه ليس شيء أكرم على الله
من الدعاء. وعليك بتقوى الله، فإنها أوسع أبواب الرزق، (ومن يتق الله يجعل
له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ
أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً)
وفقك الله، ويسر أمرك، وجعل لك من كل هم فرجا
ومن كل ضيق مخرجا.